الكلمة الأخيرة

الكلمة الأخيرة:
وأخيراً… لو كان أحمد يرى ضعف حديث عطيّة، فلماذا روى عنه بكثرة في المسند الذي عرفت رأيه فيه؟
لقد تنبّه «الدكتور» إلى هذا الإعتراض فانبرى للجواب عنه، وهذه عبارته: «وقد يقال هنا: إذا كان الإمام أحمد يرى ضعف حديث عطيّة، فلماذا روى عنه؟ والجواب: إن الإمام أحمد إنما روى في مسنده ما اشتهر، ولم يقصد الصحيح ولا السقيم. ويدلّ على ذلك أنّ ابنه عبداللّه قال: قلت لأبي :ما تقول في حديث ربعي بن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت: نعم. قال: الأحاديث بخلافه. قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدت في المسند المشهور، فلو أردت أن أقصد ما صحّ عندي لم أرو من هذا المسند إلاّ الشيء بعد الشيء اليسير. وقد طعن الإمام أحمد في أحاديث كثيرة في المسند، وردَّ كثيراً ممّا روي، ولم يقل به، ولم يجعله مذهباً له.
وعندما عدّ ابن الجوزي من الأحاديث الموضوعة أحاديث أخرجها الإمام أحمد في مسنده، وثار عليه من ثار، ألّف ابن حجر العسقلاني كتابه (القول المسدّد في الذبّ عن المسند). فذكر الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي، ثم أجاب عنها، وممّا قال: الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام. والتساهل في إيرادها مع ترك البيان بحالها شائع. وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوه تساهلنا. وهكذا حال هذه الأحاديث.
وما ذكره ابن حجر ينطبق على الأحاديث المروية في فضائل أهل البيت والتمسّك بالعترة».
نقول:
هذه عبارة «الدكتور» كما هي بلا زيادة ولا نقصان، وعليك بمراجعة «المسند تحقيق شاكر ـ طلائع الكتاب 1 / 57» و «ص 11 من القول المسدّد» هل ترى من اختلاف بين ما فيهما وما نقله عنهما؟!
والمهمّ فيها هو الجواب عن السؤال… والجواب هو قوله:
«ما ذكره ابن حجر ينطبق على الأحاديث المروية في فضائل أهل البيت والتمسّك بالعترة».
أي: إن أحمد يرى ضعف حديث عطيّة، لكنّه روى فضائل أهل البيت والتمسّك بالعترة عن عطيّة وأمثاله لتساهله في الفضائل.
لكن هذا الجواب غير مسموع، ولو كلّف «الدكتور» نفسه وراجع روايات أحمد عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري فقط، لوجد فيها الفضائل، والأحكام في الحلال والحرام، والتفسير، والمواعظ… .
وبتعبير آخر: إنّ هذا الجواب من «الدكتور» يؤكّد الأدلّة التي أقمناها على وثاقة عطية عند أحمد وغيره من الأئمة، والبيان الذي ذكرناه لقصّة روايته على الكلبي ـ إن صحّت ـ … لأنّ المفروض أنه «قد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا» هذا هو المفروض… وقد وجدنا أحمد يروي عن عطية الحلال والحرام… .
فهل «الدكتور» يجهل هذا؟ أو يتجاهله؟!
نعم… إن أحمد كما روى حديث التمسك بالعترة عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري… وهو من أحاديث الفضائل، كذلك روى عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري… من أحاديث الحلال والحرام بكثرة… .
ففي نظرة سريعة في الجزء الثالث في مسند أبي سعيد الخدري، الذي يبدء من الصفحة (2) وينتهي في صفحة (98) نجد روايته عنه في الصفحات: 7، 9، 10، 13، 14، 17، 20، 21، 22، 27، 31، 32، 38، 39، 40، 42، 43، 45، 54، 55، 65، 73، 74، 80، 83، 89، 93، 97، 98… .
فمثلا في الصفحة (43) روى عنه حديثاً في حكم الأضحيّة.
وفي الصفحة (45) حديثاً في أن الجنين ذكاته ذكاة أمّه.
وفي الصفحة (54) و (73) في حكم غسل الجنابة… .
وهكذا… .
هذا في رواياته عن عطية عن أبي سعيد الخدري… ولو وجدنا فراغاً لعددنا روايات أحمد عن عطيّة عن غير أبي سعيد من الصّحابة، لا سيّما ما كان منها في الأحكام والحلال والحرام… إلاّ أن فيما ذكرنا غنىً وكفاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *