حديث الثقلين و تكراره في مواطن

حديث الثقلين و تكراره في مواطن
قال ابن حجر الهيتمي المكي في كتابه الذي أسماه بالصّواعق المحرقة:
«ثم اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرةً وردت عن نيف وعشرين صحابياً، ومرّ له طرق مبسوطة في حادي عشر الشّبه، وفي بعض تلك الطّرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة، وفي أخرى: أنه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي اُخرى: أنه قال ذلك بغدير خم، وفي آخر أنه قال لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف كما مرّ.
ولا تنافي، إذ لا مانع من أنّه كرّر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها، إهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.
وفي رواية ـ عند الطبراني ـ عن ابن عمر: إنّ آخر ما تكلّم به النبي ـ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ـ : أُخلفوني في أهل بيتي.
وفي أخرى ـ عند الطبراني وأبي الشيخ ـ : إنّ للّه عزّوجلّ ثلاث حرمات فمن حفظهنّ حفظ اللّه دينه ودنياه، ومن لم يحفظهنّ لم يحفظ اللّه دنياه ولا آخرته.
قلت: ما هنّ؟ قال: حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي»(1).
أقول:
* أمّا حديث أنّه قاله في حجة الوداع بعرفة، فقد تقدّم عن الترمذي. ومن رواته أيضاً:
أبو بكر ابن أبي شيبة كما جاء في كنز العمال 1 / 48 ط 1 والحكيم الترمذي في نوادر الأصول: 68.
وأبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير 3 / 63 برقم 2679.
والمزّي في تهذيب الكمال 10 / 51 وتحفة الأشراف 2 / 278.
وابن الأثير في جامع الأصول 1 / 277.
والخطيب التبريزي في المشكاة 3 / 258.
وابن كثير الدمشقي في تفسيره ـ هامش فتح البيان 9 / 115.
* وأمّا حديث أنه قاله في غدير خم، فقد تقدم عن مسلم والطبراني والحاكم، ومن رواته أيضاً:
أحمد في المسند 3 / 17.
والدارمي في السنن 2 / 310.
وابن أبي عاصم في كتاب السنة: 629.
والبيهقي في السنن الكبرى 2 / 148.
والبغوي في المصابيح 2 / 205.
وابن كثير في تاريخه 5 / 209.
* وأمّا حديث أنّه قاله في مرضه وقد امتلأت الحجرة، فقد أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة:
«إن النبي ـ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ـ قال في مرض موته: أيّها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدّمت إليكم القول معذرةً إليكم، ألا إني مخلّف فيكم الثقلين: كتاب اللّه عزّوجل وعترتي. ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما».
ورواه عنه العصامي في سمط النجوم العوالي 2 / 502 رقم 136.
وأخرجه أبو بكر البزار في مسنده بلفظ أوجز، كما في كشف الأستار عن زوائد البزار 3 / 221 رقم 12 / 26.
وقال العّلامة الأزهري في تهذيب اللغة 9 / 78: «روي عن النبي ـ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ـ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
ورواه ابن حجر المكي عن اُم سلمة في مرضة قالت ـ وقد امتلأت الحجرة بأصحابه: 89.
* وأمّا حديث أنه قاله في منصرفه من الطّائف فأخرجه ابن أبي شيبة ـ كما في الصواعق ـ حيث قال: «وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عوف قال: لمّا فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم مكة انصرف إلى الطائف، فحصرها سبع عشرة ليلة أو تسع عشرة ليلة، ثم قام خطيباً فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم بعترتي خيراً وإنّ موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمنَّ الصلاة ولتؤتنّ الزكاة أو لأبعثنَّ إليكم رجلا مني أو كنفسي يضرب أعناقكم. ثم أخذ بيد علي رضي اللّه عنه ثم قال: هو هذا.
وفيه رجل اختلف في تضعيفه، وبقية رجاله ثقات.
وفي رواية: إنه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم قال في مرض موته: يا أيها الناس يوشك أن اُقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت إليكم معذرةً إليكم، ألا إني مخلّف فيكم كتاب اللّه ربي عزّوجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا مع علي والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض، فأسألهما ما خلفت فيهما»(2).

(1) الصواعق المحرقة: 89 ـ 90.
(2) الصواعق المحرقة: 75.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *