ترجمة الضّحاك

ترجمة الضّحاك:
وأمّا القول الآخر، فقد عزاه ابن الجوزي إلى الضحّاك بن مزاحم فقط:
وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في (الضعفاء) وتبعهما الذهبي فأدرجه في «المغني في الضعفاء» ونفوا أن يكون لقي ابن عبّاس، بل ذكر بعضهم أنّه لم يشافه أحداً من أصحاب رسول اللّه، وعن يحيى بن سعيد: كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.
قالوا: وكانت أُمّه حاملا به سنتين!(1).
إذن… فالأصل في القول باختصاص الآية بأزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو «عكرمة» وقد عرفناه، وعرفنا «ابن السائب» و «مقاتل» معه.
والأصل في القول بأنها نازلة في الخمسة الطاهرة والأزواج ـ كما ذكر ابن الجوزي ـ هو «الضحّاك» وقد عرفناه… لكن سترى في روايات السيوطي، أنّ الضحّاك حدّث عن النبيّ أنّه كان يقول: «نحن أهل بيت طهّرهم اللّه، نحن شجرة النبوّة وموضع الرسالة و…» ومن المعلوم أنّ الأزواج لسن من شجرة النبوّة… وهذا ممّا يورث الشك ّ في أصل وجود قائل بهذا القول بين القدماء، وأنّه قول التجأ إليه بعض علماء القوم في القرون المتأخّرة، لإخراج الآية عن الاختصاص بالخمسة الطّاهرة!!
أمّا الأزواج أنفسهنَّ… وأعلام الصحابة… فيقولون باختصاصها بالخمسة.
فظهر ما في قول الدكتور: «يرى إخواننا الشيعة الجعفرية الاثنا عشريّة…» من الإشكال… فإنّ الشيعة الجعفرية الاثني عشرية تستدل هنا ـ بالإضافة إلى أدلّتها الخاصّة ـ بالأحاديث الواردة في كتب السنّة بالطرق الصحيحة عن الأزواج والصحابة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كما سنرى.
ومما ذكرنا يظهر ما في قوله بعد ذلك: «و بالرجوع إلى كتاب اللّه تعالى نجد قوله (قالُوا أَ تَعْجَبينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ)(2) وهذا خطاب لامرأة إبراهيم عليه السلام. وقوله تعالى: (فَلَمّا قَضى مُوسَى اْلأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ…)(3) ومعلوم أن موسى سار بزوجته ابنة شعيب عليهم السلام. وقوله سبحانه: (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْت يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ * فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ)(4) وقوله عزوجل… .
إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تبيّن أن الاستعمال القرآني لا يمنع أن يكون المراد بـ (أهل البيت) في الآية الكريمة نساء النبيّ… .
واحتجّ طائفة من العلماء على أنّ (الآل) هم (الأزواج) و (الذرّية) بما روي عن الرسول صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم عندما سئل: كيف نصلّي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صلِّ على محمّد وعلى أزواجه وذرّيته كما صلّيت على آل إبراهيم… .
وكذلك بما روي عنه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم أنه قال: من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلّى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صلِّ على محمّد النبي وأزواجه أُمّهات المؤمنين وذرّيته وأهل بيته، كما صلّيت على آل ابراهيم، إنك حميد مجيد».
فإنّا نقول:
إنّ هذا الذي ذكره كلّه خارج عن البحث ـ بغضّ النظر عمّا هنالك من المناقشة(5) ـ لأنّ الكلام في المراد من «أهل البيت» في نصوص «آية التطهير». ومن هنا يقول الطبري بتفسير الآية: «واختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بقوله: (أهل البيت)…» وقال ابن الجوزي: «وفي المراد بـ(أهل البيت)ها هنا ثلاثة أقوال».
وكأنّ الدكتور ملتفت إلى أن ما ذكره إلى الآن لا ربط له بما نحن فيه، ولذا يقول:
«ولكن سواء شملتهنَّ الآية الكريمة أم لم تشملهن، فإنّ تخصيص المراد بالخمسة لا يكون إلا إذا بيّن الرسول صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم ذلك. فلننظر ـ إذن ـ في الأخبار».
أقول:
ليته قال هذا من أوّل الأمر! بل كان ينبغي له ـ وقد نسب القول بالاختصاص بالخمسة إلى الشيعة الإمامية الجعفرية فحسب ـ أن يورد أدلّتهم بالتفصيل عن كتبهم ويتكلَّم عليها، لا أن يكتفي بالإحالة إليها!
إذن… فالمهم تحديد المراد من «أهل البيت» في هذه الآية المباركة من بيان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وعلى الجميع أن يقبلوا ذلك «ويسلّموا تسليماً»… .

(1) تهذيب الكمال 31 / 291، ميزان الاعتدال 2 / 325، المغني في الضعفاء 1 / 312.
(2) سورة هود: 73.
(3) سورة القصص: 29.
(4) سورة القصص: 12.
(5) ومن ذلك أن في المسند 6 / 296: أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد أن ألقى عليهم الكساء وضع يده عليهم ثم قال: «اللهم إنّ هؤلاء آل محمّد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمّد وعلى آل محمّد إنك حميد مجيد» وسيأتي نصّه الكامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *